الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلالتصنيفات الرئيسيةملفات خاصة الصوتياتالمكتبة المقرؤةالإرهابالإرجاءراسلنادخول

التكفير بين أهل السُّنة وسيد قطب

التصوف من صور الجاهلية

!! التفسير السياسي للإسلام

وانتصرت الخُمينية على لبنان
قذائف الحق
فلمَّا أدركه الغرق

التحذير من كتب أهل البدع
غلاة التكفير ودعاة التفجير
العمل الجماعي التنظيمي
ضوابط في الرمي بالبدعة
هل هذا من السلفية؟!
سؤالات إلى جماعة الإخوان المسلمين
اتقوا الله في مصر
خارجون وخوارج
الأصول اليهودية في العقيدة الرافضية
فتنة التكفير والتفجير
حصوننا مهددة من داخلها
اتقوا حرمة المسلمين
دعاة على أبواب جهنم
نظرات في منهج جماعة الإخوان المسلمين
شعار الفاتيكان .. النجاسة من الإيمان !!

هكذا ضيّعوا الأوطان

حكم الرد على المخالف
موطن النزاع في حرب لبنان
حكم الرد على أهل البدع
الرد على من قال بالجهر بالدعاء للميت عند القبر
حقيقة البهـائيـة
نقض الإرجاء
خطبة عيد الأضحى لعام 1430هـ .. دعوها فإنها مُنْتِنَة

إخترنا لكم

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

التحذير من الإرهاب وأهله
حقيقة أسامة بن لادن
السلفية والفرق المعاصرة
ملف خاص بسيد قطب
أحكام القضايا المعاصرة
كشف حال على الجفري
مواقع صديقة

من أقوال سماحة الإمام محمد إبن إبراهيم رحمه الله:
 "العلم يجمع والفكر يفرق"
 
هذه مقتطفات من محاضرة ألقاها
 صاحب الفضيلة معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
وزير الشئون الإسلامية
حفظه الله ونفع بعلمه
بعنوان: (العلم و الفكر)

 

      مصطلح محدث

هذا الاصطلاح (الفكر الإسلامي أو المفكر الإسلامي) .. هذا اصطلاح جديد في تاريخ هذه الأمة، فإن الأمة في تاريخها عرفت أنواعًا من الذين يتكلمون ويكتبون منهم أهل الاختصاص بالعلم إما المفسر وإما المحدث وإما اللغوي وإما الفقيه وإما المؤرخ أو الأديب أو الفيلسوف أو عالم الاجتماع إلى آخر أنواع العلماء والكتبة في تاريخ الأمة.                           

أمَّا هذا المصطلح ((فكر إسلامي)) أو ((المفكر الإسلامي)) فإنه اصطلاح جديد ومعلوم عند أهل الشرع والمحبين للعلم وللديانة إنْ الأمور إنما توزن بالعلم لأن العلم نزل من عند الله جلَّ وعلا ليكون حاكمًا على الناس غير محكوم فإذا ظهرت اصطلاحات أو استجدت أحوال فإن المرجع في فهمها إنما هو إلى العلم

 

       فكر .. ومفكرون

وهناك كتابات قديمة من أناس ليسوا بحاضرين من أمثال مالك بن نبي، المودودي، سيد قطب، محمد قطب .. إلخ لهم كتابات وهذه الكتابات تتسم بأنها كتابات فكرية فما حجم هذه الكتابات كيف توزن؟ هل ترد؟ هل تقبل؟ هل يعتمد عليها أم لا يعتمد عليها ؟ ما حدودها؟ هؤلاء المفكرون الذين ذكرت أسماؤهم ومن لم نذكر أسماؤهم ما موقعهم الصحيح في الأمة؟ وما الذي ينبغي أن يوضعوا فيه في أي إطار؟

 

       الفكر خطر عظيم أدخله علينا أعداء الإسلام

لا شك أن العلم لا يجوز أن يقال إنه فكر إسلامي وقد سُئل الشيخ العلامة محمد بن عثيمين عن هذه الكلمة كلمة (فكر إسلامي) هل يجوز أن تقال ؟ فقال الشيخ [رحمه] الله ورحمنا وإيا: كلمة فكر إسلامي من الألفاظ التي يحذر عنها إذ مقتضاها أننا جعلنا الإسلام عبارة عن أفكار قابلة للأخذ والرد) لأن الفكر رأي فإذا قلنا فكر إسلامي معناه أن الإسلام صار مجموعة أفكار قابلة للأخذ والرد قابلة للنقاش قال الشيخ (وهذا خطر عظيم أدخله علينا أعداء الإسلام من حيث لا نشعر) –

 

وقال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله عند هذه الكلمة في كتابه ((معجم المناهي اللفظية)): (كيف يصح أن يكون الإسلام ومصدره الوحي ((فكرًا))، والفكر هو ما يغرزه العقل، فلا يجوز بحال أن يكون الإسلام مظهرًا من مظاهر الفكر الإنساني! فالإسلام بوحي معصوم والفكر مصدره العقل و ليس معصومًا، وإذا كان بعض الكاتبين- يعني به الأستاذ سيد قطب- أدرك الخطأ في هذا الإصطلاح فأبدله باصطلاح آخر هو ((التصور الإسلامي)) – وهذا في كتاب ((خصائص التصور الإسلامي)) و((مقامات التصور الإسلامي)) -  فإنه من باب رفع آفة بأخرى؛ لأن التصور مصدره الفكر المحتمل للصدق والكذب)) وهذا الذي قاله الشيخ بكر سديد لأن من رأى بحث خصائص التصور الإسلامي ((مقومات التصور الإسلامي)) وجد أنها تبحث في تحليلات للعقيدة، التوازن، الشمول إلى آخره .. فيجعل أصولاً عقدية جديدة ويجعل ذلك مزايا التصور كما قال (الإسلامي) يعني مزايا العقيدة الإسلامية وتلك إنما هي بأفكار لم يسبق إليها كتابها والتصور هو الفكر فرجع الأمر إذًا إلى الحديث عن أصول الإسلام وعن العقيدة وعن مزايا ذلك والحكم والأسرار في أصول فكرية وقوالب تصورية ثقافية ولا شك أن هذا كما قال الشيخ ((رفع آفة بأخرى)) يعني محاولة علاج آفة بإحلال آفةٍ أخرى جديدة والكل راجع إلى أنه فكر، فكر إسلامي كما يعبرون وهو في الحقيقة فكر غير منضبط.

 

       يجوز أن يقال "فكر إسلامي" إذا كان فكراً في مخلوقات الله!

وليس عندنا ما يسمى فكرًا إسلاميًا يعني ليس عند العلماء ما يجوز أن يقال له فكر إسلامي هل يجوز أن يقال مفكر إسلامي؟ قال الشيخ ابن عثيمين :  مفكر إسلامي يعني من يفكر ويكون مصدره في التفكير الإسلام وهذا إذا انضبط بالعلم صحَّ لأن من فكر بطريقة علمية صحيحة فهو مفكر إسلامي فيصح أن يقال عن من انضبط بالعلم في التفكير إنه مفكر إسلامي يعني مسلم ذو فكر وهذا الاستعمال صحيح ، بعضهم اعترض وقال إنَّ هذا الكلام غير منضبط لأن القرآن والسنة فيها الحث على التفكر والحث على النظر وقد جاءت آيات كثيرة في ذلك منها قوله جلّ وعلا : { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ماخلقت هذا باطلاً سبحانك} فمدح الله جل وعلا خاصة المؤمنين بأنهم يتفكرون وكذلك قال جلّ وعلا { أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلاَّ بالحق وأجل مسمى } وقال جلَّ وعلا: { قل إنما أعظم بواحدةٍ أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا } ، وجاء في الحديث أو في الأثر ((اللهم اجعل كلامي ذكرًا وصمتي فكرًا)) ولا شك أن التفكر أمر مطلوبٌ ومستحب أو واجب في بعض الأحيان لأن التفكر ينتج نتيجة عظيمة وهي تعظيم الله جلًّ جلاله وتعظيم ما أنزل على رسوله واتباع الرسل والخوف من الآخرة والرغب في الجنة والحذر من النار فهل هذا التفكر الذي جاء في الآيات وفي بعض الأحاديث ((تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في ذات الله فتهلكوا)) هل هذا التفكر هو المقصود بالفكر ننظر إلى ما قاله العلماء في كلمة التفكر لأن من استدل على صحة الفكر بالتفكر نقول هذا استدلال غير صحيح لأنَّ الفكر أو التفكر الذي جاء في هذه الآيات ليس هو الفكر في الشرع وإنما هو تفكر في آلاء الله ففرق بين الفكر في الشرع التفكر في آلاء الله ، التفكر في آلاء الله في مخلوقات الله هذا هو المقصود بما أمر الله جل وعلا به في تلك الآيات . 

 

       كتب سيد قطب الأخيرة فرقت الناس

الفكر يفرق الناس لأنه إذا كان عندي أفكار فلابد أنْ يكون ثمّ من يقتنع بهذه الأفكار فيكون هناك تفرق في الأمة هؤلاء يقتنعون بهذا الفكر والفكر ليس مصدرا عقليا وليست نتاجا عقليا والغاية عقلية بل يتبعه عمل ولهذا في كتابات مثلا سيد قطب المتأخرة بل وفي كتابه ((في ظلال القرآن)) نتجت هناك جماعات تتبنى أفكاره التي قاله في نحو كتاب ((معالم في الطريق)) أو في نحو كتاب ((خصائص التصور الإسلامي)) ونحو ذلك مما فيه انحراف عن قواعد الإسلام وعن أصول هذا الدين، نشأت جماعات الخ تبنت هذه الجماعات مواقف الخ ذلك وكل له تبريراته وكل له فكره لكن العلم ليس متصلا بذلك، بل العلم من ذلك براء.

 

       الإفراز الفكري

وهذا الإفراز يصبغه بالصِبغة الإسلامية فيستدل بآية ويستدل بحديث ينقل كلام يذكر واقعة تاريخية وهذا يعدّ أكبر المصادر عند المفكرين فيرى كثيرا من الناس وينظرون إلى هذا المقال أو ذلك الكتاب فيجد أنّ فيه استدلالاً بآية وفيه استدلال بحديث وفيه استدلال بقاعدة فيه ذكر لخبر تاريخي، لقصة تاريخية فيرى أنّ ذلك الفكر صحيح وأنّ ما نتج إليه كان صحيحا ويفعِم ذلك بعاطفة قوية وعبارة جيّاشة وأسلوب أدبي قوي فيقتنع كثير من الناس بذلك وهذا من المصادر المهمة عندهم وهي التي يجب أن يكون طالب العلم منها على حذر

 

       عمتدهم المشتبهات

كما ذكر ذلك الشاطبي في ((الموافقات)) حيث قال: (( ليس ثمَّ صاحب رأي إلاّ ويجد في الشرع من المتشابه ما يدل على رأيه )) وهذه عمدة أهل الفكر في الوقت الحاضر يجدون من المتشابه من كلام الله جلّ وعلا وكلام رسوله صلّى الله عليه وسلّم وربما بعض كلام أهل العلم أو الوقائع التاريخية إلى آخر ذلك ما يستدلون به فيجعلون أحكاما وأحوالا بل ربما أنواع من التعامل والنتائج مبنية على تلك المصادر التي هي مجموع الثقافة العامة لدى المفكر.

 

       بين المودودي ومالك بن نبي

ترى أنّ أبا الأعلى المودودي في الباكستان طرحُهُ الفكري يختلف تماما عن طرح مالك بن نبي في الغرب لمَ ؟ لأنّ ذاك نشأ نشأة معينة والآخر نشا نشأة أخرى فذاك متأثر بكلام المستشرقين وبالدراسات الاستشراقية وبفرنسا إلخ، فنظر بمنظور آخر وأبو الأعلى المودودي ناتج من رأيه في كيفية الإصلاح الواقع وكيف ننهض بالمسلمين…

 

       الإنحراف الفكري عند عمارة

إذا نظرت في جانب آخر في جانب المنحرفين جدا بعضهم عاش في الاشتراكية زمنا طويلا مثلا  الدكتور محمد عمارة وعاش في ذلك وعاش فلما رجع وكتب كتابات إسلامية ويسمى اليوم –نسأل الله العافية والسلامة- مفكرا إسلاميًا وله آراء وآراء وبعض الناس يتبناها وتكتب حتى في صحفنا

 

       تتابع المدارس الفكرية

أنّ من الناس اليوم من يكتب كتابات فكرية متأثرا مثلا بمدرسة سيد قطب الفكرية أومنهم يكتب كتابات فكرية متأثرا بمدرسة المودودي الفكرية ومنهم من يكتب كتابات فكرية متأثرا بمدرسة مالك بن نبي، متأثرا بمدرسة محمد قطب متأثرا بمدرسة محمد البهي، أنور الجندي .. إلخ الذي يكتبون في تلك المجالات تتنوع المدارس وتبدأ يكون من المصادر الدراسات القديمة من المصادر الأفكار القديمة ولا شك أن هذا يُحدِث انحرافا بعد انحراف لأنّ فكر الثاني يكون توسعة لفكر الأول فإذا كان فكر الأول غير منضبط بضابط الشرع فإنه يكون هناك خللٌ في النتائج وانحراف عن اصل الإسلام

 

       يمدح رؤوس الضلال بحجج فكرية

 لماذا تمدح رؤوس الضلال من مثل الخميني وغيره – مدحه بعض المفكرين الإسلاميين – لماذا ؟ قال بكلام فكري لا حاصل وراءه حاصله أنه لابد أنْ تجتمع الأمة للهجوم على المستعمر للهجوم على الدول الكافرة إلى آخره وهل هذه مصلحة شرعية أنْ تجتمع مع كل أحد حتى ولو كان هو الذي يطعن في عقيدة الأمة ويطعن في أصول أهل السنة لا شكّ هذا كلام فكري تبنته جماعات وتبنته فئات حتى في زماننا هذا وحتى في بلادنا هذه هناك من يقول بمثل ذلك الكلام.

 

       متى يستفاد من الفكر

العقول مختلفة فإذًا لابدّ أنْ تخاطب الناس بما يفهمون وبما يعقلون ومخاطبة الناس بما يفهمون وتحديث الناس بما يعقلون هذا لا شك انه من المطالب التي يدخل فيها التحدث مع الناس بالفكر لكن أي فكر هو الفكر الذي كان العلم عليه حَكَمًا ولم يكن حاكمًا على العلم، الفكر الذي صدقه أهل العلم وصدقه النص والقواعد الشرعية.

 

       مضار عظيمة للفكر:

1.   وهو أعظمه أنها أحدثت أجيالاً تفكر دون اعتماد على العلم والأمة لا تعرف إلاّ أنْ يكون العلم هو الأصل، فالأمة مرتبطة بالعلماء منذ عهد الصحابة بل حتى في حياة النبي عليه الصلاة والسلام قال الله جلّ وعلا: { وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم } قال المفسرون : أولوا الأمر هنا هم الذي يستنبطون وهم أهل العلم فالأمة مرتبطة بعلمائها أجيال الناس مرتبطة بأهل العلم يأتي في هذا الزمان إحداث لمصطلح فكر إسلامي ويقوم عليه أناس يسمون مفكرين إسلاميين هذا أحدث أجيالاً من الناس قناعتهم فكرية لا يعون العلم ولا يرضخون للعلم ولا يحكمهم العلم إنما يحكمهم الفكر إذا فكروا فإنما هو بمعطيات فكرية، وإذا تناقش أحدٌ معهم فإنما يقتنعون بالفكر دون غيره فإذا تكلم مفكر بألفاظ جذابة بألفاظ فضفاضة بثياب واسعة فإنه يقتنع وإذا أتاهم بمصطلحات جديدة اقتنعوا فأتت المصطلحات الجديدة، الخروج من الذل الرجوع إلى الإسلام إنما هو بتحديث فهم النصوص الرجوع إلى الإسلام إنما هو بالتطويل بفتح باب الاجتهاد، إنما هو بالتنوير إنما هو بالتقدم في النظرة إلى النصوص إنما هو بالنظرة الفلسفية العامة بتقديم العقل بالعقلانية... إلخ ذلك وهذه كلها إفرازات لكتابات المفكرين لأنه في القرن الأخير يعني في القرن الثالث عشر ما كان يعرف أنّ ثمة مشكلة لا يرجع فيها إلى أهل العلم إنما كان الرجوع إلى أهل العلم، الخلاص ينظر إلى كلام أهل العلم، فبدأت هذه المعطيات واحدة تلو الأخرى حتى نشأت أجيال تفكر بتفكيرات فكرية

2.   أنّ الأمة تفرقت وإذا نظرت إلى هذه الأشياء التي ذكرنا وبداية نشأة الجماعات الإسلامية في القرن الماضي وكيف أنّ نتاج هذه الجماعات كان فكريا؟ وكيف بنيت جماعات وفئات على الفكر نظرت أنّ التفرق يكون بحسب زيادة الفكر فكلما ازداد المفكرون ازداد التفرق وكلما ازدادت الأطروحات الفكرية كثرت الآراء الجديدة وكثر التفرق وهذه لا شك مضرة عظيمة لأنّ الفرقة عذاب كما قال عليه الصلاة والسلام: ((الجماعة رحمة والفرقة عذاب)) والأمة إنما يجمعها العلم والفكر مفرق الثقافة تفرق إذا لم تكن منطوية تحت لواء العلم، والعلم هو الذي يجمع العلم هو الذي يقل معه التفرق والاختلاف

3.   سبَّبَ إظهار ووجود جماعات وفئات جديدة وطوائف من الناس تفكر في الحكم على كل شيء أصبحوا أعني أولئك المفكرين أصبحوا حكّاما ومجتهدين فلا يتورعون عن الحكم على أي شيء وعلى أي واقعة ويحللون أي شيء ويعللون ويدللون وتجد أنّ لهم من يساعدهم ومن يأخذ بافكارهم ويتبنى أقوالهم وهذا لا شك أنشأ أنواعا من المضار والانحرافات في الأمة.

 

       على المفكرين أن لا يفرقوا الأمة

أنْ يحرصوا أنْ لا يفرقوا الأمة وأنْ لا يحدثوا حدَثا فيها فكل ما حدثت معطيات فكرية جديدة وألفاظ اصطلاحية جديدة تنوير.. تقدم إلخ يتبعها أناس وهذا يفرق الأمة لو استعمل المستعمل ألفاظ فكرية يستعملها غير الإسلاميين من أصحاب تلك الألفاظ فإنه يوقع الناس في شك ويوقع الناس في تبعية ومراجعة لتلك الأفكار فتلك الأفكار يجب أنْ لا يدعى إليها وتلك الأفكار يجب أنْ لا يؤخذ بها لأنّ الأخذ بها تفريق للأمة، فإنما يؤخذ بالفكر كما ذكرنا الذي يجمع الأمة وهو ما وافق العلم أما الفكر الذي يفرق الأمة فإنه مذموم إذ الواجب أنْ تجمع الأمة على ما اجتمع عليه سلفها الصالح وعلى ما اجتمع عليه الرعيل الأول من وحدة العقيدة ووحدة التلقي للنصوص ووحدة التفكير وهذا إنما يكون بالرجوع إلى العلم وبالتربية وبالعرض العلمي.

 

       "العلم يجمع والفكر يفرِّق" (مرفق)

وهذه من كلمات مفتي الديار السعودية في زمنه الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله فإنه في وقته لما رأى انسياق الناس إلى الثقافات في آخر زمنه وترك الناس للعلم قبل أنْ تعرف الجماعات وقبل أنْ تعرف الطوائف والفئات في هذه البلاد قال تلك الكلمة لبعض خاصته ولبعض طلبة العلم فقال: (( أوصوا الناس بالعلم فإنّ العلم يجمع وإنّ الفكر والثقافة تفرق )) وهذا صحيح وقد رؤي ذلك فالعلم هو الذي يجمع والثقافة تفرق إذا نظرت إذا اختلفت مع آخر في مسألة وكان المرجع فيها هو العلم يرضخ الجميع خذ مسألة فقهية قلت: والله الظاهر أنّ الحكم فيها كذا، والآخر يقول لا الظاهر أنّ الحكم فيها كذا، فرجعتهم إلى عالم فقال قولا اتفقتم على صحة قوله فاجتمعتم بعد اختلاف في الراي في تلك المسألة، الاختلاف في الفقهيات أمره سهل لكن كيف إذا كان الاختلاف في مسائل أعظم من ذلك، في مسائل تتعلق بمصير الأمة، بمصير دعوة، بالإصلاح بالأمر والنهي إلخ ذلك بالجهاد ونحو هذه الأمور، فإنّ الاختلاف إذا وقع دون الرجوع إلى أهل العلم بشر بالتفرق والأمة أخذ عليها الميثاق أنْ تتبع الرسول عليه الصلاة والسلام كما أُخذ على من قبلنا أنْ يتبعوا رسولهم أو أنْ يتبعوا رسلهم عليهم السلام وقد قال جلّ وعلا في النصارى: { ومن الذين قالوا إنّا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرين بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة } أخذ عليهم الميثاق أنْ يتبعوا العلم وأنْ يتركوا الرأي فما الذي صنعوا كما قال ابن شهاب الزهري: ((إنّ اليهود والنصارى ما ضلت إلاّ بالرأي)) أخذ على النصارى الميثاق أنْ يتبعوا العلم، أن يتبعوا ما ذُكِّروا به وأخذوا بالرأي فما الذي حصل تفرّقوا والتفرق عقوبة من العقوبات قال جلّ وعلا: { ومن الذين قالوا إنّا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا -يعني تركوا- حظا مما ذُكِّروا به } -من العلم- فأخذوا بالآراء والأهواء فتفرقوا قال جلّ وعلا:   { فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة } التفرق ليس مجرد فرقة لكن التفرق سيتبعه بغضا وسيتبعه شحناء وسيتبعه بغض حتى يكون بغضا في الله من أجل التفرق وسبب التفرق هو عدم أخذ العلم في الأصل واتباع الآراء، فالعلم جامع والثقافة والفكر تفرق، وهذا واضح في تاريخ الأمة وتاريخ ما حصل في العصر الحديث من أنواع التفرقات في الأفكار والمفاهيم وفي الفئات والجماعات حتى في العداوات بين المفكرين والكتاب واتخاذ نشأة المدارس المختلفة.

 

       الفرق بين العلم والفكر:

العلم

الفكر

العلم أدلته منضبطة معلومة

أما الفكر فأدلته غير منضبطة

العلم له أصول يوزن بها

والفكر ليس له أصل يوزن بها

العلم الأصل فيه المدح والأصل في أهله المدح

وأما الفكر فهو الرأي والرأي الأصل فيه الذم

العلم جامع ويجمع الأمة وينبذ الفرقة، ويقلل الاختلاف ويقلل المدارس المختلفة

أما الفكر والرأي فإنه يفرق ويزيد من المدارس ويزيد من الاختلاف وهذا الاختلاف وكثرة المدارس تنتج تحزبات تنتج آراءًا يتبعها مواقف شتى

 

       احذر الكتابات الفكرية

الفكر والكتابات الفكرية لابدّ أنْ تقيمها لا تعتمد على أفكار الكتّاب، لا تكن قراءتك في الكتب الفكرية هي الغالبة عليك في يومك وليلتك، إنما ليكن الغالب العلم، لأنّ العلم هو الذي ينور الصدور، أما الفكر فإنما هو رأي، وإذا جعلت العلم هو الأصل كان الفكر في مكانه الصحيح وكنت سائرا بتثقيف وبفكر يمكن أنْ تخوض به فيما يخاض به في المجتمع من الأفكار والأقوال لكن إنْ كان علمك قليلاً فإنك تكون ريشة في مهب رياح الأفكار وهذا لا شك يقود إلى خللٍ في الفكر وخلل في التفكير.

 

       نتيجة مهمة

ألا وهي أنّ العلماء في دين الأمة وفي مواقفها هم القادة هم الذين يُبَيِّنون للناس ما يحل ويحرم؟ ما ينبغي اتخاذه وما لا ينبغي اتخاذه، ما يجوز وما لا يجوز كيف تتخذ المواقف كيف يحكم على الأوضاع، على الأفكار إلخ العلماء هم المؤهلون لذلك هم المرجع في أمور الدعوة هم المرجع عند الاختلاف، هم القادة، وهم الدعاة يعني في أمر الدين

 

       ماذا يحصل إذا كان المفكرون قادة:

فإذا كان المفكرون هم قادة الدعوات، وإذا كان المفكرون هم رؤساء الجماعات فإنه لا شك سينتج….

الجماعات والمدارس في بعض البلاد كيف آل بهم الأمر أن يعادي بعضهم بعضًا وأن يقتل بعضهم بعضا –نسأل الله جلّ وعلا السلامة والعافية- إذًا المفكرون لا يصلحوا أنْ يكونوا قادة في أمر الدين لا يصلحون أنْ يكونوا حكامًا على الأوضاع حكامًا على الآراء حكاما على أهل العلم، المفكرون لا يجوز أنْ يتحكموا في مصير دعوة الله ودعوة الله مرجعها الكتاب والسنة والذين يفقهون الكتاب والسنة هم الذين يتأهلون لئن يقودوا الدعوة، فالمفكر ينبغي أنْ يقف عند ما حدّ له فإذا جاوز ذلك فإنّ مجاوزته عليه لا له، المفكر لا يصلح له أنْ يقيِّم المصالح والمفاسد لا يصلح أنْ يعرض بفكره المصالح والمفاسد، فيقول هذه هي المصلحة وهذه هي المفسدة، يقيم وضعًا اجتماعيًا يقيِّم دولة يقيم موقفا من المواقف، ويقول المصلحة في كذا والمفسدة في كذا ما دليلك على ذلك؟ والله هكذا نرى هكذا أدى إليه الرّأي والفكر، لا يجوز للمفكر أنْ يكون كذلك وإنما من يقيِّم المصلحة والمفسدة هم أهل الشرع لأنّ الشريعة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها، إذًا متى يصح من المفكر أنْ يفكر وأنْ يكتب؟ إذا كان محكوما بالعلم.