الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلالتصنيفات الرئيسيةملفات خاصة الصوتياتالمكتبة المقرؤةالإرهابالإرجاءراسلنادخول

التكفير بين أهل السُّنة وسيد قطب

التصوف من صور الجاهلية

!! التفسير السياسي للإسلام

وانتصرت الخُمينية على لبنان
قذائف الحق
فلمَّا أدركه الغرق

التحذير من كتب أهل البدع
غلاة التكفير ودعاة التفجير
العمل الجماعي التنظيمي
ضوابط في الرمي بالبدعة
هل هذا من السلفية؟!
سؤالات إلى جماعة الإخوان المسلمين
اتقوا الله في مصر
خارجون وخوارج
الأصول اليهودية في العقيدة الرافضية
فتنة التكفير والتفجير
حصوننا مهددة من داخلها
اتقوا حرمة المسلمين
دعاة على أبواب جهنم
نظرات في منهج جماعة الإخوان المسلمين
شعار الفاتيكان .. النجاسة من الإيمان !!

هكذا ضيّعوا الأوطان

حكم الرد على المخالف
موطن النزاع في حرب لبنان
حكم الرد على أهل البدع
الرد على من قال بالجهر بالدعاء للميت عند القبر
حقيقة البهـائيـة
نقض الإرجاء
خطبة عيد الأضحى لعام 1430هـ .. دعوها فإنها مُنْتِنَة

إخترنا لكم

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

التحذير من الإرهاب وأهله
حقيقة أسامة بن لادن
السلفية والفرق المعاصرة
ملف خاص بسيد قطب
أحكام القضايا المعاصرة
كشف حال على الجفري
مواقع صديقة

بـــدعـــة الــحــزبـــيــة

لفضيلة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي

عـلاّمـة ومـحـدث مـنـطـقـة جـيـزان

 

وخرَّج ابن وهب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:  من رأى رأياً ليس في كتاب الله، ولم تمض به سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم  لم يدر ما هو عليه إذا لقي الله عزوجل([24]).

وعن أبي العالية ـ رحمه الله ـ قال : ((تعلموا الإسلام فإذا تعلمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم، فإنه الإسلام ولا تحرفوا يميناً ولا شمالاً، وعليكم بسنة نبيكم وما كان عليه أصحابه... وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء))، فحدث الحسن بذلك فقال : ((رحمه الله صدق ونصح. خرجه ابن وضاح وغيره([25]) وكان مالك كثيراً ما ينشد:

وخير أمور الدين ما كان سنة             وشر الأمور المحدثات البدائع))
 
في بيان مساوئ الحزبية

لقد استعرضنا بعض الآيات والأحاديث التي نهى الله فيها ورسوله عن الاختلاف والتفرق والتحزب وذم أهل هذه الصفات كقوله تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شئ}([26]) وقوله تعالى: {ولا تكونو من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً}([27]) وكقوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}([28]).

وكقول النبيصلى الله عليه وسلم: (فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم)([29]).

وقوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين،عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)([30])

فهل ترى أن  نهى الله عزوجل عن التفرق والتحزب والتشيع وذم أهل هذه الصفات والتحذير من طريقتهم كان عبثاً أو  أنزله الله عزوجل وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم  ليكون ضرباً من ضروب التسلي أو ليكون حديثاً عابراً من أحاديث السمر؟ كلا. ثم كلا.. إن القرآن كله عظات وعبر وأوامر ونواهي وأخبار عن العصاة وعواقب العصيان السيئة في الدنيا والآخرة بالإخبار عما يصيبهم في الدنيا من قوارع واستئصال وما ينتظرهم في الآخرة من عذاب أليم وأنواع انتقام ونكال.

وإخبار عن المؤمنين أهل التصديق والأعمال الصالحة وما يحوزونه ويحرزونه بإيمانهم وأعمالهم ومتابعتهم للرسل من عز ونصر وفتوح وغلب وإدالة لهم على غيرهم وما سيلقونه في الآخرة من أمن واطمئنان وفرح واستبشار وعيشة راضية في جنان عالية قطوفها دانية ونعمها متوالية يبقون فيها بقاء الأبد ويخلدون فيها بلا انقطاع ولا زوال، فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ما هي إلا ريحانه تهتز ونهر مطرد وثمرة ناضحة وقصر مشيد وأزواج حسان لأنهم آمنوا بالله وصدقوا المرسلين.

وقد تبين مما ذكر أن نهي الله عزوجل عن الحزبية والتحزب والفرقة والتفرق لم يكن إلا ليعلم الله عباده بما فيها من الشر المؤكد والفشل المرتقب والعداوة المنتظرة بين من أمرهم الله عزوجل أن يكونوا أمة واحدة وحزباً واحداً يعبدون رباً واحداً ويتبعون رسولاً واحداً، ويتجهون إلى قبلة واحدة، ويدينون بدين واحد، وتربطهم رابطة واحدة، هي رابطة الدين ومما يؤكد هذا المعنى ويدل على أن التفرق مازال ممقوتاً ومحذوراً في كل زمان ومكان وعلى لسان كل نبي وحكيم، إخبار الله عزوجل عن هارون عليه السلام أنه قال لأخيه موسى حين عاتبه عند رجوعه من الطور فوجد قومه قد عبدوا العجل، فقال كما حكى الله عنه في سورة طه {قال يا هارون ما منعك إذ رأيتم ضلوا ألا تتبعني أفعصيت أمري، قال يابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي}([31]).

فقد حذر هارون من التفرقة وخافها على قومه وخاف أن أخاه يلومه عليها.

وروى عبدالله بن أحمد بن حنبل عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجل فجعل عمر يسأله عن الناس، فقال: يا أمير المؤمنين قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا، قال ابن عباس، فقلت: والله ما أحب أن يتسارعوا في القرآن يومهم هذه المسارعة، قال فزجرني عمر رضي الله عنه ثم قال: مه، فانطلقت إلى منزلي مكتئباً حزيناً، فبينا أنا كذلك إذ أتاني رجل، فقال: أجب أمير المؤمنين. فخرجت فإذا هو بالباب ينتظرني، فأخذ بيدي فخلا بي فقال: مالذي كرهت مما قال الرجل آنفاً، فقلت يا أمير المؤمنين متى يتسارعوا هذه المسارعة يحتقوا، ومتى يحتقوا يختصموا ومتى يختصموا يختلفوا، ومتى يختلفوا يقتتلوا، قال لله أبوك إن كنت لأكتمها الناس حتى جئت بها([32]).

قلت: ما أشبه الليلة بالبارحة إن الاختلاف الذي خافه عبدالله بن عباس ووافقه عليه عمر رضي الله عنهماعلى أمة محمد قد وقع ثم وقع ثم وقع وما تفرقت أمة محمد شيعاً وأحزاباً كمن سبقهم إلا بسبب الاختلاف، وكان أول خلاف وقع في هذه الأمة هو خلاف الخوارج ثم خلاف الروافض بقيادة زعيمهم عبدالله بن السوداء الذي زعم لهم أن علياً لم يمت وأنه في السحاب ثم خلاف القدرية ثم المعتزلة ثم المرجئة ثم الجهمية.

والشاهد من هذا الأثر أن المحاقة موجبة للاختلاف، ومعنى المحاقة: أن كل واحد من المتخاصمين يقول الحق معي، وهي معنىقوله يحتقوا، ومتى يحتقوا يختلفوا، ومتى اختلفوا اقتتلوا، إما بالألسن والأقلام وإما بالأيدي والسيوف، وما كتابتك هذه إلا من حصاد الاختلاف وشؤم الحزبية التي نهى الشرع([33]) عنها وما زال المحققون من أهل العلم ينهون عنها في كل زمان ومكان ينهون عنها لما يعلمون فيها من نتائج سيئة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: "وليس للمعلمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء بل يكونون مثل الإخوة المتعاونين على البر والتقوى كما قال تعالى {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البرِ والتَّقوَى ولا تَعَاوَنُوا عَلى الإثم والعدوَان} وليس لأحد منهم أن يأخذ على أحد عهداً بموافقته على كل ما يريده وموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه، بل من فعل هذا كان من جنس جنكز خان وأمثاله الذين يجعلون من وافقهم صديقاً واليا، ومن خالفهم عدوَّا باغيا، بل عليهم وعلى أتباعهم عهد الله ورسوله بأن يطيعوا الله ورسوله ويفعلوا ما أمر الله ورسوله ويحرموا ما حرم الله ورسوله ويرعوا حقوق المعلمين كما أمر الله ورسوله، فإن كان أستاذ أحد مظلوماً نصره، وإن كان ظالماً لم يعاونه على الظلم بل يمنعه منه كما ثبت في الصحيح أنه قال:

(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. قيل: يا رسول الله: أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً؟. قال تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه).

وإذا وقع بين معلم ومعلم أو تلميذ وتلميذ أو معلم وتلميذ خصومة ومشاجرة لم يجز لأحد أن يعين أحدهما حتى يعلم الحق، فلا يعاونه بجهل ولا بهوى، بل ينظر في الأمر، فإذا تبين له الحق أعان المحق منهما على المبطل سواء كان المحق من أصحابه أو أصحاب غيره، وسواء كان المبطل من أصحابه أو أصحاب غيره، فيكون المقصود عبادة الله وحده وطاعة رسوله واتباع الحق والقيام بالقسط قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين، إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما، فلا تتبعوا الهوىأن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً}([34]).

يقال لوى لسانه إذا أخبر بالكذب والاعراض أن يكتم الحق فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس، ومن مال مع صاحبه ـ سواء كان الحق له أو عليه فقد حكم بحكم الجاهلية وخرج عن حكم الله ورسوله والواجب على جميعهم أن يكونوا يداً واحدة مع المحق على المبطل فيكون المعظم عندهم من عظمه الله ورسوله، والمقدم عندهم من قدمه الله ورسوله، والمحبوب عندهم من أحبه الله ورسوله، والمهان عندهم من أهانه الله ورسوله؛ بحسب ما يرضي الله ورسوله لا بحسب الأهواء، فإنه من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه.

فهذا هو الأصل الذي عليهم اعتماده، وحينئذ فلا حاجة إلى تفرقهم وتشيعهم، فإن الله تعالى يقول:

{ إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء}

وقال تعالى: { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ماجاءتهم البينات}.

وإذا كان الرجل قد علمه أستاذ عرف قدر إحسانه إليه وشكره،ـ ثم ساق كلاماً في هذا المعنى ـ ثم قال: وإذا اجتمعوا على طاعة الله ورسوله وتعاونوا على البر والتقوى لم يكن أحد مع أحد في كل شئ بل يكون كل شخص مع كل شخص في طاعة الله ورسوله ولا يكونون مع أحد في معصية الله ورسوله ؛ بل يتعاونون على الصدق والعدل والإحسان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصر المظلوم، وكل ما يحبه الله ورسوله، ولا يتعاونون على ظلم ولا عصبية جاهلية ولا اتباع هوى بدون هدى من الله ولا تفرق ولا اختلاف"([35])

 

([24]) الاعتصام (1/81) ط. دار المعرفة.

([25]) في ((البدع والنهي عنها)) (ص 32) ط . محمد أحمد دهمان . وهوعند عبدالرزاق (1/367)، وابن نصر في ((السنة)) (ص 26)، والآجري في ((الشريعة))13ـ14) ، واللالكائي في ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة))(1/56) ، وابن بطة في ((الإبانة)) (11/299).

([26]) سورة الأنعام آية: 159.

([27]) سورة الروم آية: 31،32.

([28]) سورة الأنعام آية 153.

([29]) تقدم تخريجه.

([30]) تقدم تخريجه.

([31]) سورة طه آية رقم 92ـ94.

([32]) كتاب السنة رقم (89) (ص 135،136).

([33]) أشير بقولي: "وما كتابتك هذه إلا من حصاد الاختلاف وشؤم الحزبية " إلى تلميذ من تلامذتي وطالب من طلابي انتظم في بعض المناهج المستوردة للدعوة، ومن أجل أنا كنا ننصحه أنا وبعض الإخوة هو ومن كان معه، فقد كتب إلينا كتابة اتهمنا فيها بما ليس فينا ونال من أعراضنا بما سنحاكمه بين يدي الله عزوجل فيه.

          وأنا حينما أقول تلميذ من تلامذتي وطالب من طلابي لم أقصد بذلك افتخارا كما علم الله وإنما أردت أن أبين أن الحزبية شر وتفريق وشتات وأنها إذا فرقت بين التلميذ وشيخه وجعلت التلميذ يكن العداوة الشديدة لشيخه الذي له عليه فضل التربية فإنها ستفرق بين غيرهما من باب أولى.

([34]) المائدة الآية: 135.

([35]) مجموع الفتاوى (28 / 15ـ17)

 

الصفحة التالية

 

 

الصفحة السابقة